فصل: الحكم الإجماليّ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


سَمْع

التّعريف

1 - السّمع في اللّغة‏:‏ هو حسّ الأذن قال الرّاغب‏:‏السّمع قوّة في الأذن بها تدرك الأصوات‏.‏ وفي التّنزيل‏:‏ ‏{‏إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ‏}‏‏.‏

ويطلق السّمع على الأذن، وقد يأتي بمعنى الإجابة، كما في الحديث‏:‏ «سمع اللّه لمن حمده» أي‏:‏ أجاب حمده، وتقبّله، وفي هذا المعنى‏:‏ الدّعاء المأثور‏:‏ «اللّهمّ إنّي أعوذ بك من دعاء لا يسمع» أي‏:‏ لا يستجاب ولا يعتدّ به كأنّه غير مسموع‏.‏

ومن أسماء اللّه تعالى ‏"‏ السّميع ‏"‏‏.‏ والاصطلاح لا يخرج عن المعنى اللّغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الاستماع‏:‏

2 - الاستماع‏:‏ لغةً واصطلاحاً، قصد السّماع بغية فهم المسموع أو الاستفادة منه‏.‏

أمّا السّمع فقد يكون مع ذلك القصد أو بدونه فهو أعمّ من الاستماع‏.‏

ب - الإنصات‏:‏

3 - الإنصات‏:‏ لغةً واصطلاحاً، السّكوت للاستماع‏.‏

الحكم الإجماليّ

4 - السّمع - كسائر الحواسّ والجوارح - من أجلّ النّعم الّتي امتنّ اللّه على عباده بها وأمر بحفظها عمّا حرّمه تعالى‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً‏}‏‏.‏

وقال‏:‏ ‏{‏وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ‏}‏‏.‏

والسّمع من أهمّ حواسّ الإنسان وأشرفها حتّى من البصر كما عليه أكثر الفقهاء إذ هو المدرك لخطاب الشّرع الّذي به التّكليف، ولأنّه يدرك به من سائر الجهات،وفي كلّ الأحوال، أمّا البصر فيتوقّف الإدراك به على الجهة المقابلة‏.‏

لهذا يشترط فيمن يتصدّى لأمر مهمّ من أمور المسلمين العامّة كالإمامة، والقضاء أن يكون سميعاً فلا يجوز تنصيب إمام أصمّ، ولا تعيين قاض لا يسمع‏.‏

والتّفصيل في مصطلح ‏(‏إمامة كبرى وباب‏:‏ القضاء‏)‏‏.‏

ويحرم سماع الغيبة، وفحش القول، والغناء المحرّم، ونحو ذلك من المحرّمات‏.‏

ما يجب بإذهاب السّمع بجناية

5 - السّمع من المعاني الّتي لا تفوت منفعتها بالمباشرة لها بالجناية، بل تفوت تبعاً لمحلّها أو لمجاورها‏.‏ واتّفق الفقهاء على أنّه إذا زال السّمع بسراية من جناية لا قصاص فيها تجب فيه دية كاملة، كأن تكون الجناية خطأً، أو ممّا يتعذّر منه المماثلة بين الجناية، والقصاص كالهاشمة، أو لم يوجد تكافؤ بين الجاني والمجنيّ عليه، ونقل ابن قدامة عن ابن المنذر قوله‏:‏ ‏"‏ إنّ عوامّ أهل العلم أجمعوا على أنّ في السّمع ديةً ‏"‏‏.‏ وقال‏:‏ وروي عن عمر وبه قال مجاهد، والثّوريّ، والأوزاعيّ، وأهل الشّام، وأهل العراق ومالك، والشّافعيّ، وابن المنذر‏.‏ قال ابن قدامة‏:‏ ‏"‏ لا أعلم عند غيرهم خلافاً لهم ‏"‏‏.‏

وروي عن معاذ رضي الله عنه‏:‏ «أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال وفي السّمع دية»‏.‏ وروي أنّ رجلاً رمى رجلاً بحجر فذهب سمعه وعقله، ولسانه، ونكاحه، فقضى عمر رضي الله عنه بأربع ديات، والرّجل حيّ، لأنّ السّمع حاسّة تختصّ بنفع فكان فيها الدّية‏.‏ أمّا إذا ذهب بجناية فيها القصاص فقد اختلف الفقهاء فيما يجب، فذهب الشّافعيّة والحنابلة‏:‏ إلى أنّه يجب القصاص فيه، فيقتصّ منه بمثل فعله‏.‏ فإن ذهب به فقد حصل المقصود، وإن لم يذهب أذهب بمعالجة لأنّ للسّمع محلّاً مضبوطاً، ولأهل الخبرة طرق في إبطاله، وهو مذهب المالكيّة ولكن قالوا‏:‏ إذا لم يبطل بالقصاص فلا يبطل بالمعالجة بل يجب على الجاني أو عاقلته الدّية‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ لا قصاص في إبطال السّمع لتعذّر الاقتصاص فيه‏.‏

والتّفصيل في ‏(‏القصاص، والدّية، والجناية في ما دون النّفس‏)‏‏.‏

وبعض ما يتعلّق بأصل مصطلح السّمع ينظر في بحث ‏(‏استماع، وأذن‏)‏‏.‏

سَمْعِيَّات

التّعريف

1 - السّمعيّات‏:‏ هي الأمور الّتي يتوقّف عليها السّمع، كالنّبوّة، أو هي تتوقّف على السّمع كالمعاد، وأسباب السّعادة، والشّقاوة من الإيمان والطّاعة، والكفر والمعصية‏.‏

ويدخل في السّمعيّات أشراط السّاعة، وعذاب القبر والبعث، والأمور الّتي تكون بعد البعث كالحساب، والكتب، والصّراط والميزان، والشّفاعة والحوض، والجنّة والنّار‏.‏

الحكم الشّرعيّ

2 - الحكم الشّرعيّ الّذي يتعلّق بالسّمعيّات ينقسم إلى قسمين‏:‏

القسم الأوّل‏:‏ فيما يتعلّق بالإيمان بها، وأقسامها، وأدلّتها‏.‏ وتفصيله في مبحث ‏(‏إيمان‏)‏‏.‏

القسم الثّاني‏:‏ فيما يتعلّق بحكم منكرها، أو شيء منها وجزاء ذلك وتفصيله في مبحث‏:‏

‏(‏ردّة‏)‏‏.‏

سَمَك

انظر‏:‏ أطعمة‏.‏

سُمّ

التّعريف

1 - السّمّ بتثليث السّين في اللّغة‏:‏ المادّة القاتلة، وجمعها سموم وسمام، ويقال‏:‏ هذا شيء مسموم‏:‏ أي‏:‏ فيه سمّ، وسمّ الطّعام‏:‏ جعل فيه السّمّ‏.‏

والمعنى الاصطلاحيّ لا يخرج عن المعنى اللّغويّ‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - التِّرياق‏:‏

2 - هو بكسر التّاء ويقال له أيضاً‏:‏ درياق دواء السّموم - ففي الحديث‏:‏ «إنّ في عجوة العالية شفاءً، أو إنّها ترياق، أوّل البكرة ‏.‏

ويطلق على كلّ ما يستعمل لدفع السّمّ، في الأدوية، والمعاجين‏.‏

ب - الدّواء‏:‏

3 - الدّواء من داويت العليل دواءً ومداواةً إذا عالجته بالأشفية الّتي توافقه‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالسّمّ

تناول السّمّ

4 - لا خلاف بين الفقهاء في حرمة تناول ما يقتل من السّمّ بلا حاجة إليه، لقوله تعالى‏:‏

‏{‏وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ‏}‏ وقال عزّ من قائل‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ‏}‏‏.‏

طهارة السّمّ أو نجاسته

اختلفوا في نجاسة السّمّ، أطلق الحنابلة القول بأنّ السّمّ نجس ولم يفرّقوا بين الجامد، وغيره، ولا بين ما كان من النّباتات الطّاهرة، الّتي لم تحرم إلاّ لأضرارها، وما كان من الحيّات والعقارب، وسائر الهوامّ ذوات السّموم‏.‏

وفرّق الشّافعيّة بين ما كان من الأشجار، والنّباتات ممّا لم يحرم إلاّ من جهة كونه مضرّاً بالصّحّة، وبين ما خالطته نجاسة أو كان من نجس، كأن يخالطه لحوم الحيّات وغيرها من لحوم الهوامّ ذوات السّموم أو كان لعاباً لما ذكر، كسمّ الحيّة، والعقرب وسائر الهوامّ، قالوا‏:‏ تبطل الصّلاة بلسعة الحيّة، لأنّ سمّها تظهر على محلّ اللّسعة‏.‏

أمّا لعاب العقرب فلا تبطل به الصّلاة على الأوجه عندهم لأنّ إبرتها تغوص في باطن اللّحم ويمجّ السّمّ فيه، وهو لا يجب غسله‏.‏

وسبب نجاسته عندهم ليس في السّميّة بل لكونه فضلة غير مأكول‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ إنّ لعاب الحيّات، والعقارب، وغيرها من ذوات السّموم طاهر كلعاب كلّ حيّ إذا لم يستعمل النّجاسة‏:‏ جاء في مواهب الجليل‏:‏ ‏"‏ نقل صاحب الجمع عن ابن هارون‏:‏ أنّه قال‏:‏ في شرح قول ابن الحاجب‏:‏ اللّعاب والمخاط من الحيّ طاهر، ثمّ قال‏:‏ إنّ الحشرات إذا أمن من سمّها‏:‏ مباحة ‏"‏، وقال الزّرقانيّ‏:‏ وإن لم يؤمن من سمّها‏.‏

ويفهم من عبارات الحنفيّة أنّ لعاب الحيّات والعقارب نجس عندهم، لنجاسة لحمها ولعابها من جسمها ككلّ ما لا يؤكل لحمه‏.‏ والتّفصيل في باب النّجاسات‏.‏

بيع السّمّ

5 - لا خلاف بين الفقهاء في أنّ السّمّ القاتل إذا خلا من نفع يباح أو خالطته نجاسة كلحوم الحيّات وغيرها من النّجاسات لا يجوز بيعه، لأنّ جواز الانتفاع في المبيع انتفاعاً مشروعاً، وطهارته شرطان في صحّة عقد البيع‏.‏

وإن كان فيه نفع مباح شرعاً، ولم تخالطه نجاسة فقد صرّح الحنفيّة، والمالكيّة، والشّافعيّة بجواز بيعه سواء كان السّمّ من الحشائش أم من الحيّات‏.‏

وفرّق الحنابلة بين ما كان من النّباتات والحشائش من السّمّ وبين ما كان من الأفاعي، وقالوا بتحريم بيع سموم الأفاعي، لخلوّها من نفع مباح‏:‏ فأمّا السّمّ من الحشائش والنّباتات، فإن كان لا ينتفع به، أو كان يقتل قليله غالباً لم يجز بيعه، لعدم النّفع وخوف الضّرر منه‏.‏ وإن كان فيه نفع كالتّداوي به جاز بيعه‏.‏ التّفصيل في مصطلح ‏(‏بيع‏)‏‏.‏

التّداوي بالسّمّ

6 - يجوز التّداوي بالسّمّ حتّى عند من يقول بنجاسته إن غلبت السّلامة من ضرره، ويرجى نفعه، لارتكاب أخفّ الضّررين، ولدفع ما هو أعظم منهما، بشرط إخبار طبيب مسلم عدل بذلك أو معرفة المتداوي به، وعدم ما يقوم مقامه ممّا يحصل التّداوي‏.‏

القتل بالسّمّ

7 - قال جمهور الفقهاء‏:‏ إذا قدّم لصبيّ غير مميّز أو مجنون طعام مسموم فمات منه وجب القصاص على مقدّم الطّعام، إن كان يعلم أنّ ذلك السّمّ يقتل غالباً، سواء أخبره أنّ الطّعام مسموم أم لا‏.‏

وإن أكره بالغاً عاقلاً على أكل طعام مسموم ولم يعلم المكره أنّه مسموم فعليه القصاص، أمّا إن كان المكره يعلم أنّه مسموم فلا قصاص كما إذا أكرهه على قتل نفسه‏.‏

وإن أوجره السّمّ في حلقه فعليه القصاص وإن كان بالغاً، لأنّه ألجأه إليه ولا اختيار له حتّى يقال عنه‏:‏ إنّه تناول السّمّ باختياره فحدّ العمد صادق عليه‏.‏

وإن قدّم طعاماً مسموماً لبالغ عاقل فأكله فمات منه، فإن كان يعلم الحال فلا قصاص ولا دية باتّفاق الفقهاء، لأنّه هو الّذي قتل نفسه، وإن كان غير عالم بالحال فقد اختلف الفقهاء في وجوب القصاص فيه‏.‏

فقال الشّافعيّة‏:‏ لا تجب القصاص بل تجب دية لشبه العمد لتناوله له باختياره فلم يؤثّر تغريره، وفي قول عندهم‏:‏ يجب القصاص لتغريره كالإكراه‏.‏

وقال المالكيّة والحنابلة‏:‏ يجب القصاص عليه، لأنّه يقتل غالباً، ويتّخذ طريقاً إلى القتل كثيراً فأوجب القصاص‏.‏ والتّفصيل في باب القصاص والدّية‏.‏

وإن دسّ في طعام شخص مميّز أو بالغ الغالب أكله منه فأكله جاهلاً فعليه دية شبه العمد، وإن دسّ السّمّ في طعام نفسه فأكل منه آخر عادته الدّخول عليه، فإنّه يكون هدراً، لأنّه لم يقتله فإنّما الدّاخل هو الّذي قتل نفسه فأشبه ما لو حفر في داره بئراً فدخل فيه رجل فوقع فيه‏.‏

وإن داوى جرحاً في جسمه من جناية مضمونة بسمّ قاتل، فمات فلا قصاص على الجارح في النّفس، ولا دية النّفس، إذ هو قاتل نفسه وإن لم يعلم أنّ السّمّ يقتل غالباً، أو أنّه سمّ، بل يجب على الجارح ضمان الجرح بالقصاص، أو بالأرش حسب موجب الجناية‏.‏

والتّفصيل في باب الجنايات، والقصاص‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ لا قصاص في القتل بالسّمّ مطلقاً، فإن قدّم إلى إنسان طعاماً مسموماً فأكل منه - وهو لا يعلم أنّه مسموم - فمات منه فلا قصاص ولا دية، فيعزّر بحبس ونحوه، وإن أوجره إيجاراً أو أكرهه على تناوله وجبت الدّية على عاقلة الجاني لأنّ القتل حصل بما لا يجرح فكان من شبه العمد‏.‏

سِمَن

انظر‏:‏ نماء‏.‏

سَنَة

التّعريف

1 - السّنة في اللّغة والاصطلاح‏:‏ الحول، وجمعها سنوات ويجوز سنهات، وإذا أطلقت السّنة في كلام الفقهاء فهي السّنة القمريّة، وليست الشّمسيّة‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - العام‏:‏

2 - ومعناه في اللّغة كما في المصباح الحول وفرّق بعض اللّغويّين بين العام وبين السّنة، قال ابن الجواليقيّ‏:‏ ولا تفرّق عوامّ النّاس بين العام والسّنة ويجعلونهما بمعنىً، وهو غلط والصّواب ما أخبرت به عن أحمد بن يحيى أنّه قال‏:‏ السّنة من أيّ يوم عددته إلى مثله، والعام لا يكون إلاّ شتاءً وصيفاً، وفي التّهذيب أيضاً العام‏:‏ حول يأتي على شتوة وصفيّة، وعلى هذا فالعام أخصّ من السّنة، فكلّ عام سنة وليس كلّ سنة عاماً، وإذا عددت من يوم إلى مثله فهو سنة وقد يكون فيه نصف الصّيف ونصف الشّتاء، والعام لا يكون إلاّ صيفاً وشتاءً متواليين‏.‏

ب - الشّهر‏:‏

3 - الشّهر ما بين الهلالين، وهو جزء من السّنة القمريّة يقدّر بدورة القمر حول الأرض‏.‏ ويسمّى الشّهر القمريّ، أو يقدّر بجزء من اثني عشر جزءاً من السّنة الشّمسيّة، ويسمّى الشّهر الشّمسيّ، ويطلق الشّهر أيضاً على العدد المعروف من الأيّام‏.‏

أنواع السّنة

4 - السّنة تتنوّع إلى سنة شمسيّة وهي الّتي تعتمد في بدايتها ونهايتها على حركة الشّمس، قال زكريّا الأنصاريّ‏:‏ وعدد أيّامها ثلاث مائة وخمسة وستّون يوماً وربع يوم إلاّ جزءاً من ثلاث مائة جزء من يوم، وإلى سنة قمريّة وهي الّتي تعتمد على ظهور الهلال واختفائه في بداية الشّهر ونهايته، قال زكريّا الأنصاريّ‏:‏ وعدد أيّامها كما قال صاحب المهذّب وغيره‏:‏ ثلاث مائة وأربعة وخمسون يومًا وخمس يوم وسدسه‏.‏ فالسّنة الشّمسيّة تتّفق مع السّنة القمريّة في عدد الشّهور ويختلف معها في عدد الأيّام فتزيد أيّامها على أيّام السّنة القمريّة بأحد عشر يومًا وجزء من واحد وعشرين جزءاً من اليوم‏.‏

وقد اعتمد على السّنة الشّمسيّة الرّوم والسّريان، والفرس، والقبط في تأريخهم فهناك السّنة الرّوميّة، والسّنة السّريانيّة، والسّنة الفارسيّة والسّنة القبطيّة، وهذه السّنون وإن كانت متّفقةً في عدد شهور كلّ سنة منها، إلاّ أنّها تختلف في أسماء تلك الشّهور وفي موعد بدء كلّ سنة منها وفي عدد أيّامها‏.‏

الأحكام الإجماليّة ومواطن البحث

أ - الزّكاة‏:‏

5 - اتّفق الفقهاء على أنّ الحول أي‏:‏ مضيّ سنة كاملة على ملكه النّصاب شرط لوجوب الزّكاة في نصاب السّائمة من بهيمة الأنعام، وفي الأثمان، وهي الذّهب والفضّة، وفي عروض التّجارة لحديث‏:‏ «لا زكاة في مال حتّى يحول عليه الحول»‏.‏

أمّا الزّرع والثّمار فلا يشترط فيها حول‏.‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ‏}‏ ولأنّها نماء بنفسها متكاملة عند إخراج الزّكاة منها فتؤخذ زكاتها حينئذ، ثمّ تأخذ في النّقص لا في النّماء، فلا تجب فيها زكاة ثانية ‏;‏ لعدم إرصادها للنّماء، والمعدن المستخرج من الأرض كالزّرع لا يشترط فيه حول باتّفاق الفقهاء فيما يجب فيه من زكاة أو خمس‏.‏

فيؤخذ زكاته عند حصوله، إلاّ أنّه إن كان من جنس الأثمان ففيه الزّكاة عند كلّ حول لأنّه مظنّة النّماء من حيث إنّ الأثمان قيم الأموال ورأس مال التّجارة، وبها تحصل المضاربة والشّركة‏.‏ ولا خلاف بين الفقهاء في أنّه إن ملك نصاباً من مال الزّكاة ممّا يعتبر له الحول ولا مال له سواه، انعقد حوله من حين حصول الملك باتّفاق الفقهاء‏.‏

وينظر للتّفصيل مصطلح ‏(‏زكاة‏)‏‏.‏

ب - مدّة تعريف اللّقطة‏:‏

6 - ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ مدّة تعريف اللّقطة سنة كاملة، وهو ما روي عن محمّد من الحنفيّة، وروي ذلك أيضاً عن الإمام أبي حنيفة فيما زادت قيمته على عشرة دراهم‏.‏ وانظر التّفصيل في مصطلح ‏(‏لقطة‏)‏‏.‏

ج - مدّة إمهال العنّين‏:‏

7 - العنّين يضرب له القاضي سنةً عند الجمهور ‏"‏ كما فعل عمر رضي الله عنه ‏"‏ فقد يكون تعذّر الجماع لعارض حرارة فيزول في الشّتاء، أو برودة فيزول في الصّيف، أو يبوسة فتزول في الرّبيع، أو رطوبة فتزول في الخريف، فإذا مضت السّنة ولم يطأ، علمنا أنّه عجز خلقيّ‏.‏ ‏(‏وانظر‏:‏ إمهال، عنّة‏)‏‏.‏

د - مدّة التّغريب في عقوبة الزّنى‏:‏

8 - ذهب المالكيّة، والشّافعيّة، والحنابلة، إلى أنّ من حدّ الزّاني إن كان بكراً التّغريب لمدّة سنة لمسافة قصر فأكثر‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّ التّغريب ليس من الحدّ، ولكنّهم يجيزون للإمام أن يجمع بين الجلد والتّغريب إن رأى في ذلك مصلحةً‏.‏ وتفصيل ذلك في ‏(‏زنىً وتغريب‏)‏‏.‏

سَنَد

التّعريف

1 - السّند في اللّغة‏:‏ ما قابلك من الجبل وعلا عن السّفح، والجمع أسناد‏.‏ وكلّ ما يستند إليه ويعتمد عليه من حائط أو غيره فهو سند‏.‏ ومنه قيل لصكّ الدّين وغيره سند‏.‏ وقد سند إلى الشّيء يسند سنودًا، واستند وتساند وأسند غيره‏.‏

وما يسند إليه يسمّى مَسنداً ومِسنداً ومُسنداً وجمعه المساند‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ يستعمل السّند في استعمالين‏:‏

الأوّل‏:‏ الحجّة المكتوبة الّتي توثّق بها الحقوق‏.‏ وهي معتبرة في إثبات الحقوق في الحكم والقضاء‏.‏ وجاء في مجلّة الأحكام أنّه يشترط لذلك شروط‏:‏

أ - أن يبيّن في السّند ما يثبت الحقّ بأن يكون مصدّراً بذكر مبلغ الدّين مثلاً بالرّقم والحرف، ومعنوناً باسم من له الحقّ‏.‏ وأن يكون مختوماً بخاتم من عليه الحقّ مع إمضائه‏.‏

ب - أن يكون سالماً من التّزوير والكشط والتّغيير وأن يثبت أنّ الخطّ هو خطّ الكاتب بشهادة أهل الخبرة في هذا الشّأن‏.‏

وجاء في مجلّة الأحكام العدليّة ‏(‏المادّة 1736‏)‏‏:‏ ‏"‏ لا يعمل بالخطّ والختم فقط ولكن إذا كان سالماً عن شبهة التّزوير والتّصنيع يكون معمولاً به يعني يكون مداراً للحكم لا يحتاج إلى الثّبوت بوجه آخر ‏"‏‏.‏

والسّند إذا استوفى الشّروط المرعيّة لاعتباره كان من قبيل الإقرار بالكتابة‏.‏

جاء في مجلّة الأحكام ‏(‏المادّة 1609‏)‏ ‏"‏ إذا كتب أحد سنداً أو استكتبه وأعاده لأحد ممضيّاً أو مختوماً يكون معتبراً ومرعيّاً كتقريره الشّفاهيّ لأنّه إقرار بالكتابة إن كان مرسوماً يعني إن كان ذلك السّند كتب موافقاً للرّسم والعادة والوثائق الّتي تعلم بالقبض المسمّاة بالوصول هي من هذا القبيل أيضاً ‏"‏‏.‏

وجاء في المادّة ‏(‏1607‏)‏‏:‏ أمر أحد بأن يكتب إقراره هو إقرار حكماً بناءً عليه لو أمر أحد كاتباً بقوله اكتب لي سنداً يحتوي أنّي مديون لفلان بكذا دراهم ووضع فيه إمضاءه أو ختمه يكون من قبيل الإقرار بالكتابة كالسّند الّذي كتبه بخطّ يده‏.‏

وتراجع المباحث المتعلّقة بالسّند في المصطلحات‏:‏ إقرار ‏(‏ف /40، وإثبات ف /34، وتوثيق ف /12، وتزوير ف / 17‏)‏‏.‏

الإطلاق الثّاني‏:‏ يطلق السّند على سلسة رواة الحديث الموصّلة إلى المتن‏.‏

وقد تقدّمت شروط السّند المعتبرة في قبول الحديث في مصطلح ‏(‏إسناد‏)‏‏.‏

سُنَّة

التّعريف

1 - السّنّة في اللّغة‏:‏ الطّريقة والعادة والسّيرة حميدةً كانت أم ذميمةً، والجمع سنن‏.‏

وفي الحديث‏:‏ «من سنّ في الإسلام سنّةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنّةً سيّئةً فعليه وزرها ووزر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء»‏.‏

ثمّ استعملت في الطّريقة المحمودة المستقيمة، فسنّة اللّه أحكامه وأمره ونهيه، وسنّ اللّه سنّةً أي‏:‏ بيّن طريقاً قويماً‏.‏ ويقال‏:‏ فُلان من أهل السّنّة معناه‏:‏ من أهل الطّريقة المستقيمة المحمودة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ «تركت فيكم أمرين لن تضلّوا ما تمسّكتم بهما‏:‏ كتاب اللّه وسنّتي»‏.‏

والسّنّة عند الفقهاء لها معان منها‏:‏ أنّها اسم للطّريقة المسلوكة في الدّين من غير افتراض ولا وجوب‏.‏

وتطلق أيضاً عند بعض الفقهاء‏:‏ على الفعل إذا واظب عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يدلّ دليل على وجوبه‏.‏

وعرّفها بعضهم‏:‏ بأنّها ما طلب فعله طلباً مؤكّداً غير جازم‏.‏

فالسّنّة بهذا المعنى حكم تكليفيّ، ويقابلها الواجب، والفرض، والحرام، والمكروه، والمباح، وعرّفها بعض الفقهاء، بأنّها ما يستحقّ الثّواب بفعله ولا يعاقب بتركه‏.‏

وتطلق السّنّة أيضاً على دليل من أدلّة الشّرع وعرّفها الأصوليّون بهذا المعنى‏:‏ بأنّها ما صدر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالسّنّة

أوّلاً‏:‏ السّنّة بالاصطلاح الفقهيّ

2 - تطلق السّنّة عند الشّافعيّة والحنابلة‏:‏ على المندوب، والمستحبّ، والتّطوّع، فهي ألفاظ مترادفة فكلّ منها عبارة عن الفعل المطلوب طلباً غير جازم‏.‏

قال البنانيّ‏:‏ ومثلها الحسن أو النّفل والمرغّب فيه‏.‏ ونفى القاضي حسين وغيره ترادفها حيث قالوا‏:‏ إن واظب النّبيّ صلى الله عليه وسلم على الفعل فهو السّنّة‏.‏ وإن لم يواظب عليه كأن فعله مرّةً أو مرّتين فهو المستحبّ، أو لم يفعله وهو ما ينشئه الإنسان باختياره من الأوراد فهو التّطوّع‏.‏ ولم يتعرّض القاضي حسين ومن معه للمندوب لعمومه للأقسام الثّلاثة‏.‏

ويقسّم الشّافعيّة والحنابلة السّنن إلى سنن مؤكّدة، وغير مؤكّدة‏.‏

إلاّ أنّ الحنابلة يقولون‏:‏ إنّ ترك السّنن المؤكّدة مكروه،أمّا ترك غير المؤكّدة فليس بمكروه‏.‏

وقال ابن عابدين‏:‏ إنّ المشروعات أربعة أقسام‏:‏ فرض، وواجب، وسنّة ونفل‏.‏

فما كان فعله أولى من تركه مع منع التّرك إن ثبت بدليل قطعيّ ففرض، أو بظنّيّ فواجب، وبلا منع التّرك إن كان ممّا واظب عليه الرّسول صلى الله عليه وسلم أو الخلفاء الرّاشدون من بعده فسنّة، وإلاّ فمندوب ونفل‏.‏

وهذا مطابق لقواعد الحنفيّة من الفرق بين الفرض والواجب خلافاً للشّافعيّة ومن معهم من قولهم بالتّرادف بينهما إلاّ في مواضع تذكر في موضعها‏.‏

فالسّنّة عند الحنفيّة بالمعنى الفقهيّ نوعان‏:‏

أ - سنّة الهدى‏:‏

وهي ما تكون إقامتها تكميلاً للدّين، وتتعلّق بتركها كراهة أو إساءة، كصلاة الجماعة، والأذان، والإقامة، ونحوها، وذلك لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم واظب عليها على سبيل العبادة، وتسمّى أيضاً السّنّة المؤكّدة‏.‏

ب - سنن الزّوائد‏:‏

وهي الّتي لا يتعلّق بتركها كراهة ولا إساءة، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعلها على سبيل العادة، فإقامتها حسنة، كسير النّبيّ صلى الله عليه وسلم في لباسه وقيامه، وقعوده وأكله، ونحو ذلك‏.‏

وعند المالكيّة‏:‏ السّنّة ما فعله النّبيّ صلى الله عليه وسلم وواظب عليه، وأظهره في جماعة، ولم يدلّ دليل على وجوبه‏.‏

والرّغيبة‏:‏ ما رغّب الشّارع فيه وحدّه ولم يظهره في جماعة‏.‏

والنّفل ما فعله النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولم يداوم عليه أي‏:‏ تركه في بعض الأوقات‏.‏

ثانياً‏:‏ السّنّة في اصطلاح الأصوليّين

3 - أدلّة الشّرع المتّفق عليها والّتي تستنبط منها الأحكام الفقهيّة أربعة‏:‏ الكتاب، والسّنّة، والإجماع والقياس‏.‏

والسّنّة‏:‏ هي ما ورد عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير‏.‏

فالسّنة بهذا المعنى ترادف الحديث‏.‏ وقيل‏:‏ إنّ الحديث ما صدر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم من الأقوال‏.‏ فهو بهذا المعنى أخصّ من السّنّة‏.‏ ويطلق على الحديث الخبر أيضاً‏.‏ وقيل‏:‏ الخبر أعمّ ليشمل ما جاء عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم وعن غيره، فكلّ حديث خبر من غير عكس‏.‏

والسّنّة بهذا المعنى ثلاثة أقسام‏:‏ السّنّة القوليّة، وهي أقوال النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏ والسّنّة الفعليّة، وهي أفعاله، والسّنّة التّقريريّة، وهي كفّه وسكوته عن إنكار ما فعله الصّحابة رضوان الله عليهم أمامه أو ما أخبر به‏.‏

وتنقسم السّنّة باعتبار السّند‏:‏ إلى المتواتر، والمشهور، وخبر الواحد‏.‏

والسّنّة بالمعنى الأصوليّ‏:‏ هي دليل من أدلّة الشّرع توجب علم اليقين إذا كانت متواترةً‏.‏ وخبر الواحد يوجب العمل ولا يوجب العلم يقيناً، وهذا مذهب أكثر أهل العلم وجملة الفقهاء كما حرّره الأصوليّون‏.‏

وأمّا المشهور‏:‏ فيلحقه بعضهم بالمتواتر في إيجابه علم اليقين، وبعضهم بالآحاد فيوجب العمل دون العلم اليقين‏.‏

ولبيان معنى التّواتر والشّهرة، وشروطهما وآراء الأصوليّين وأدلّتهم، وما يوجبه خبر الآحاد وغيرها من المسائل ينظر الملحق الأصوليّ‏.‏

سِنّ

التّعريف

1 - السّنّ لغةً‏:‏ واحدة الأسنان وهي‏:‏ قطعة من العظم تنبت في الفكّ وهي مؤنّثة يقال‏:‏ هذه سنّ وجمعها‏:‏ أسنان‏.‏

وللإنسان اثنتان وثلاثون سنّاً أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربعة أنياب، وأربعة نواجذ، وستّة عشر ضرساً‏.‏

وبعضهم يقول‏:‏ أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربع أنياب، وأربعة نواجذ، وأربع ضواحك واثنتا عشرة رحىً‏.‏

وبعضهم يقسّم الأسنان إلى قواطع وضواحك وطواحن‏.‏

والسّنّ من الشّيء‏:‏ كلّ جزء مسنّن محدّد على هيئتها مثل، سنّ المشط، أو المنجل، أو المنشار، أو المفتاح، أو القلم، وأسنّ فلان إذا نبت سنّه أو كبرت سنّه أي‏:‏ عمره، وسنّن الرّجل أي‏:‏ قدّر له عمراً بالتّخمين، ويقال فلان سنّ فلان إذا كان مثله في السّنّ‏.‏

الأحكام المتعلّقة بالسّنّ

أ - القصاص في قلع السّنّ‏:‏

2 - أجمع أهل العلم على وجوب القصاص في السّنّ، إذا كان متعمّداً لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ‏}‏ الآية، ولحديث أنس - رضي الله عنه -‏:‏ «إنّ عمّته الرّبيّع كسرت ثنيّة جارية من الأنصار فقضى نبيّ اللّه صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال أخوها، أنس بن النّضر‏:‏ أتكسر ثنيّة الرّبيّع يا رسول اللّه‏؟‏ لا والّذي بعثك بالحقّ لا تكسر ثنيّتها‏.‏ قال‏:‏ وكانوا قبل ذلك سألوا أهلها العفو والأرش فلمّا حلف أخوها وهو عمّ أنس بن مالك رضي القوم بالعفو فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنّ من عباد اللّه من لو أقسم على اللّه لأبرّه»‏.‏

ولأنّه أمكن في السّنّ استيفاء المماثلة، لكونها محدودةً في نفسها، فوجب فيها القصاص‏.‏ فتؤخذ السّنّ الصّحيحة بالسّنّ الصّحيحة، والمكسورة أو السّوداء أو الصّفراء أو الحمراء أو الخضراء بالصّحيحة، إن شاء المجنيّ عليه‏.‏

أمّا إذا كان العيب في سنّ المجنيّ عليه فلا قصاص لعدم المماثلة وينتقل إلىالأرش كما يأتي‏.‏ وتؤخذ العليا بالعليا والسّفلى بالسّفلى والثّنيّة بالثّنيّة والنّاب بالنّاب والضّاحك بالضّاحك، والضّرس بالضّرس، لتحقّق المماثلة في المنفعة والمكان، ولا يؤخذ الأعلى بالأسفل، ولا الأسفل بالأعلى، لاختلافهما في المنفعة والمكان‏.‏

وجمهور الفقهاء يرى‏:‏ قلع سنّ الجاني الّذي قلع سنّ المحنيّ عليه لإمكان الاستيفاء بلا حيف‏.‏

وذهب الحنفيّة في قول‏:‏ إلى أنّه لا يقلع سنّ الجاني، وإنّما تبرد إلى اللّحم، ويكسر ما ظهر من السّنّ ويسقط القصاص عن الجزء الدّاخل في اللّثة، لتعذّر المماثلة إذ ربّما تفسد اللّثة، ولأنّه لا يؤمن فيه أن يفعل المقلوع أكثر ممّا فعل القالع‏.‏

ونقل عن المقدسيّ من الحنفيّة قوله‏:‏ ينبغي اختيار البرد خصوصاً عند تعذّر القلع كما لو كانت أسنانه غير مفلّجة، بحيث يخاف من قلع واحد أن يتبعه غيره، أو أن تفسد اللّثة‏.‏ وقال بعض فقهاء الحنفيّة‏:‏ إنّ هذا الرّأي هو المفتى به‏.‏

ومثل القلع في وجوب القصاص عند المالكيّة، إذا اضطربت السّنّ اضطراباً شديداً جدّاً، حتّى وإن ثبتت أو نبتت من مكانها أخرى أو ردّ المقلوعة، فنبتت لأنّ المعتبر يوم الجناية ولأنّ المقصود من القصاص إيلام الجاني لردعه وردع أمثاله‏.‏

ب - القصاص بكسر السّنّ‏:‏

3 - ذهب الحنفيّة والحنابلة‏:‏ إلى وجوب القصاص فيه وتستوفى بالتّبريد فيؤخذ النّصف بالنّصف، والثّلث بالثّلث، وكلّ جزء بمثله‏.‏ ولا يؤخذ ذلك بالمساحة كي لا يفضي إلى أخذ جميع سنّ الجاني ببعض سنّ المجنيّ عليه‏.‏ ويكون القصاص بالمبرد ليؤمن أخذ الزّيادة ولا يقتصّ حتّى يقول أهل الخبرة إنّه تؤمن انقلاعها أو السّواد فيها، لأنّ توهّم الزّيادة يمنع القصاص، ودليلهم حديث «الرّبيّع فإنّها كسرت سنّ جارية فأمر النّبيّ صلى الله عليه وسلم بالقصاص»، ولأنّ ما جرى القصاص في جملته جرى في بعضه إذا أمكن‏.‏

وذهب الشّافعيّة إلى أنّه لا قصاص في كسر السّنّ، لعدم الوثوق بالمماثلة، لأنّ الكسر لا يدخل تحت الضّبط فإن أمكن دخوله تحت الضّبط وجب القصاص‏.‏

وقال الشّافعيّ - رحمه الله تعالى -‏:‏ وإذا كسر رجل سنّ رجل من نصفها سألت أهل العلم فإن قالوا‏:‏ نقدر على كسرها من نصفها بلا إتلاف لبقيّتها ولا صدع أقررته، وإن قالوا‏:‏ لا نقدر على ذلك لم نقرّه لتفتّتها‏.‏

ج - قلع سنّ من لم يثغر‏:‏

4 - اتّفق الفقهاء على أنّه لا يقتصّ إلاّ من سنّ من أثغر أي‏:‏ سقطت رواضعه ثمّ نبتت‏.‏ أمّا إذا قلع سنّ من لم يثغر فلا ضمان على الجاني في الحال بقصاص أو دية، لأنّه لم يتحقّق إتلافها حيث إنّها قد تعود غالبًا بحكم العادة‏.‏

فإن جاء وقت نباتها ثمّ نبتت سليمةً في محلّها فلا شيء على الجاني أي لا قصاص عليه ولا دية كما لو قلع شعرةً ثمّ نبتت إلاّ أنّ أبا يوسف من الحنفيّة يرى وجوب حكومة للألم وأجرة الطّبيب وإن عادت بدل السّنّ ناقصةً ضمن ما نقص منها بالحساب، ففي ثلثها ثلث ديتها، وفي ربعها ربع ديتها، وفي نصفها نصف ديتها وهكذا‏.‏ فإن نبتت سوداء أو حمراء، أو صفراء، أو خضراء، أو مائلةً عن محلّها، أو معوجّةً، أو بقي شيء معها بعد النّبات، أو نبتت أطول ممّا كانت، أو نبتت معها سنّ شاغبة - وهي الزّائدة المخالفة لنبتة غيرها من الأسنان وجبت فيها حكومة عدل لأنّه نقص حصل بفعله، وكذا إن عادت والدّم يسيل لأنّه نقص حصل بفعله، فيجب عليه ضمانه، وإن جاء وقت نباتها ولم تنبت بأن سقطت البواقي ونبتن دون المقلوعة سئل أهل الخبرة والطّبّ، فإن قالوا‏:‏ قد يئس من عودها لفساد منبتها، فالمجنيّ عليه بالخيار بين القصاص، أو دية السّنّ، وإن قالوا‏:‏ يتوقّع نباتها إلى وقت كذا انتظر، فإن مضى الوقت ولم تنبت وجب القصاص أيضاً، ولا يستوفى القصاص للصّغير في صغره بل ينتظر بلوغه ليستوفي هو بنفسه لأنّ القصاص للتّشفّي‏.‏

فإن مات الصّبيّ المجنيّ عليه قبل حصول اليأس وقبل تبيّن الحال فلا قصاص لوارثه وكذا لا دية لأنّ الأصل البراءة، ونبات السّنّ لو عاش‏.‏ فعلى هذا‏:‏ تجب الحكومة، وإلى هذا ذهب أبو حنيفة وهو أصحّ الوجهين عند الشّافعيّة وقول عند الحنابلة‏.‏

وذهب المالكيّة‏:‏ إلى وجوب القصاص في العمد والدّية في الخطأ لورثة الصّبيّ‏.‏

وذهب الحنابلة‏:‏ وهو الوجه الثّاني عند الشّافعيّة إلى وجوب الدّية لأنّ القلع موجود والعود مشكوك فيه ولا يتأتّى النّبات بعد الموت، أمّا إذا مات بعد اليأس فيقتصّ وارثه في الحال أو يأخذ الأرش‏.‏

وقت استيفاء القصاص في قلع السّنّ

5 - إن قلع سنّ من قد أثغر فجمهور الفقهاء على وجوب القصاص في الحال، دون انتظار نباتها من جديد لأنّ الظّاهر عدم عودها‏.‏

وذهب بعض الحنفيّة، وبعض أصحاب الشّافعيّ، والقاضي من الحنابلة‏:‏ إلى أنّه ينظر ويسأل أهل الخبرة فإن قالوا‏:‏ لا تعود فللمجنيّ عليه القصاص في الحال‏.‏ وإن قالوا يرجى عودها إلى وقت يذكرونه لم يقتصّ حتّى يأتي ذلك الوقت‏.‏ فإن لم تنبت فيجب القصاص‏.‏ وإن عادت لم يجب قصاص ولا دية لأنّ ما عاد قام مقام الأوّل فكأنّه لم يسقط‏.‏

وذهب المالكيّة، وصاحبا أبي حنيفة، وهو الأظهر عند الشّافعيّة‏:‏ إلى وجوب القصاص أو الدّية، لأنّ النّابت لا يكون عوضاً عن الفائت بل هو نعمة من اللّه فلا يسقط به الضّمان إذا لم تجر العادة به كمن أتلف مال إنسان‏.‏ ثمّ إنّ اللّه تبارك وتعالى رزق المتلف عليه مثل المتلف وكالتحام الجائفة أو اندمال الموضحة أو نبت اللّسان‏.‏

فإن قلع رجل سنّ رجل فردّها صاحبها إلى مكانها فاشتدّت والتحمت، فعلى الجاني القصاص في العمد، لأنّ المقصود أن يتألّم بمثل ما فعل وعليه دية السّنّ في الخطأ، لأنّ المعادة لا ينتفع بها كما كانت لانقطاع العروق، بل تبطل بأدنى شيء، فكانت إعادتها وعدم إعادتها بمنزلة واحدة، وهذا رأي جمهور الفقهاء من ‏"‏ الحنفيّة والمالكيّة والشّافعيّة ‏"‏، إلاّ أنّ ابن عابدين حكى عن شيخ الإسلام قوله‏:‏ إن عادت السّنّ إلى حالتها الأولى في المنفعة والجمال فلا شيء عليه‏.‏

الحكم إن نبتت السّنّ المجنيّ عليها بعد استيفاء القصاص

6 - ذهب الجمهور إلى أنّه إن نبتت السّنّ المجنيّ عليها بعد استيفاء القصاص أو أخذ الأرش فليس للجاني قلعها ثانيةً ولا استرداد الأرش الّذي أخذ منه‏.‏

وذهب الحنابلة وبعض المالكيّة والشّافعيّة إلى أنّ للجاني أن يستردّ الأرش الّذي دفعه، ولا يلزمه إذا كان لم يدفع ولكن لا يجوز له قلع السّنّ مرّةً أخرى إذا كان المجنيّ عليه قد استوفي القصاص منه، لأنّه لم يقصد بفعله العدوان‏.‏

ومجرى الخلاف المتعلّق باسترداد الأرش أو عدمه في السّنّ النّابتة لمن قد أثغر، إلاّ أنّ رأي الحنفيّة في هذه المسألة مثل رأي الحنابلة ومن معهم في وجوب استرداد الأرش للجاني بعد أخذه منه وعدم لزومه عليه قبل دفعه، ويرون كذلك وجوب الأرش على المجنيّ عليه الّذي اقتصّ من الجاني ثمّ نبتت سنّه لتبنّي الخطأ في القصاص لأنّ الموجب له فساد المنبت ولم يفسد حيث نبتت مكانها أخرى فانعدمت الجناية‏.‏

ذهب جمهور الفقهاء إلى وجوب القصاص للمجنيّ عليه في الحال إذا كان ممّن أثغر وأنّه مخيّر بين أن يقتصّ من الجاني أو يأخذ الأرش‏.‏

وقت استيفاء القصاص

7 - اختلفت آراء الحنفيّة في وقت القصاص في السّنّ، فذهب بعضهم إلى وجوب تأجيله لمدّة حول كامل، سواء كانت مقلوعةً أو متحرّكةً أو مكسورةً، وسواء كانت سنّ كبير أو صغير، وذلك لاحتمال نباتها في حالة القلع وسقوط أو ثبوت المتحرّكة ولتغيّر المكسورة أو عدم تغيّرها، وأصل هذا الرّأي منسوب إلى أبي حنيفة‏.‏

وقيل‏:‏ يفرّق بين الكبير والصّغير، فلا ينتظر البالغ لأنّ نبات سنّ الكبير نادر، وينتظر الصّبيّ لأنّ سنّه تنبت غالباً، وأصل هذه المسألة مرويّ عن أبي يوسف‏.‏

وقيل‏:‏ يفرّق بين المقلوعة، والمتحرّكة، والمكسورة، فلا ينتظر نبات المقلوعة بل للمجنيّ عليه أن يقتصّ أو يأخذ الأرش في الحال، لأنّ السّنّ إذا سقطت فلا تنبت غالباً من جديد‏.‏ وينتظر إذا تحرّكت من الجناية، لأنّها قد تسقط أو تثبت، وكذا المكسورة، لأنّها قد تتغيّر باسوداد أو احمرار أو اصفرار أو اخضرار، أو لا تتغيّر فيختلف الحكم، وأصل هذه الرّواية منسوبة إلى محمّد بن الحسن‏.‏

عود سنّ الجاني بعد استيفاء القصاص

8 - إن عادت سنّ الجاني بعد أن اقتصّ منه دون سنّ المجنيّ عليه فقد اختلف الفقهاء في ذلك، فذهب الشّافعيّة في المعتمد، وبعض الحنابلة إلى أنّ للمجنيّ عليه أن يقلعها ثانيةً وثالثةً، لأنّ الجاني أفسد منبته فيكرّر عليه القلع حتّى يفسد منبته‏.‏

وفي وجه للشّافعيّة وبه قال بعض الحنابلة‏:‏ إلى أنّه ليس للمجنيّ عليه أن يقلعه لأنّه قابل قلعاً بقلع فلا تثنّى عليه العقوبة، ولئلاّ يأخذ سنين بسنّ واحدة واللّه تعالى يقول‏:‏ ‏{‏وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ‏}‏ لكن له عند الشّافعيّة الأرش لخروج القلع الأوّل على كونه قصاصاً، وكأنّه تعذّر القصاص بسبب‏.‏

وفي وجه ثالث عند الشّافعيّة لا شيء للمجنيّ عليه، لأنّ عودة السّنّ للجاني هبة متجدّدة من اللّه تعالى، وقد استوفى حقّه بما سبق‏.‏

القصاص في قطع غير المثغور سنّ مثغور

9 - ذهب الشّافعيّة‏:‏ إلى أنّه إن قلع غير مثغور سنّ مثغور، فللمجنيّ عليه أن يقتصّ إن كان بالغًا، أو يأخذ الأرش‏.‏ وإذا اقتصّ فليس له مع القصاص شيء آخر‏.‏

أمّا إن كان الجاني غير بالغ فلا قصاص، وإن قلع سنّاً زائدةً قلع المجنيّ عليه له سنّاً مثلها‏.‏ إن كانت للمساواة، فإن لم تكن له سنّ زائدة فعلى الجاني حكومة لتعذّر القصاص بسبب فقدان المماثلة‏.‏

وإن قلع غير مثغور سنّ غير مثغور آخر فلا قصاص في الحال، فإن نبتت فلا قصاص ولا دية، وإن لم تنبت وقد دخل وقته فللمجنيّ عليه أن يقتصّ أو يأخذ الدّية‏.‏

الدّية

10 - اتّفق الفقهاء على أنّ دية كلّ شيء من الأسنان خمس من الإبل يستوي في ذلك المقدّم والمؤخّر لقوله صلى الله عليه وسلم في كتاب عمرو بن حزم‏:‏ «وفي السّنّ خمس من الإبل»‏.‏ وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ «في الأسنان خمس خمس»‏.‏ وينظر التّفصيل في مصطلح ‏(‏دية‏)‏‏.‏

حكم السّنّ المتّخذة من الذّهب والفضّة

11 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يجوز للرّجل أن يتّخذ سنّاً من الذّهب، والفضّة، وإن تعدّدت، ويجوز له كذلك أن يشدّ سنّه المتحرّكة بالذّهب أو الفضّة كلّما دعت الضّرورة إلى ذلك‏.‏

ولم يذكر الشّافعيّة قيد الضّرورة، ومنع أبو حنيفة من الذّهب للاستغناء عنه بالفضّة لما رواه الأثرم عن بعض السّلف‏:‏ أنّهم كانوا يشدّون أسنانهم بالذّهب‏.‏

أمّا المرأة فيجوز لها ذلك من باب أولى ولكن يحرم عليها تخليل أسنانها بالذّهب أو لفضّة للزّينة‏.‏

حكم تفليج الأسنان

12 - قال العلماء‏:‏ يحرم التّفلّج‏:‏ وهو برد ما بين الثّنايا والرّباعيات من الأسنان، ليتباعد بعضها عن بعض للحسن والزّينة‏.‏

ويسمّى الوشر‏:‏ وهو تحديد الأسنان، وتفريج ما بينها إيهاماً للفلج المحمود وهو ممّا قد تفعله المرأة الكبيرة، لتوهم النّاظر أنّها شابّة صغيرة‏.‏

وهو حرام على الواشرة والمستوشرة، لأنّه تبديل للهيئة وتغيير لخلق اللّه‏.‏

قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَاناً مَّرِيداً، لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً، وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَالأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ‏}‏ الآية‏.‏

ولأنّ هذا من باب التّدليس والغشّ، ولهذا لعن الرّسول صلى الله عليه وسلم من يفعلنه ووصفهنّ بالمغيّرات لخلق اللّه، فيما روي عن ابن مسعود - رضي الله عنه -‏:‏ قال‏:‏ «لعن اللّه الواشمات والمستوشمات والمتنمّصات والمتفلّجات للحسن المغيّرات خلق اللّه فقالت له امرأة في ذلك‏؟‏ فقال‏:‏ ومالي لا ألعن من لعنه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب اللّه قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا‏}‏»‏.‏

ومحلّ هذا إن فعلته للحسن والزّينة، أمّا لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب أو نحوهما فلا بأس به‏.‏ أمّا تنظيف الأسنان فراجع مصطلح‏:‏ ‏(‏سواك، وسنن الفطرة، وسنن الوضوء‏)‏‏.‏

سنّ اليأس

انظر‏:‏ يأس‏.‏

السُّنَن الرّواتب

التّعريف

1 - السّنّة لغةً‏:‏ المنهج والطّريقة سواء أكانت محمودةً أم مذمومةً‏.‏ ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من سنّ في الإسلام سنّةً حسنةً فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنّ في الإسلام سنّةً سيّئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء»‏.‏

ثمّ غلب استعمال السّنّة في الطّريقة المحمودة المستقيمة‏.‏

وتعريف السّنّة اصطلاحاً سيأتي في بحث ‏(‏سنّة‏)‏‏.‏

أمّا الرّواتب فهو جمع راتبة من رتب الشّيء رتوباً، أي‏:‏ استقرّ ودام فهو راتب، وسمّيت السّنن الرّواتب بذلك لمشروعيّة المواظبة عليها‏.‏

قال الشّافعيّة‏:‏ السّنن الرّواتب هي‏:‏ السّنن التّابعة لغيرها، أو الّتي تتوقّف على غيرها أو على ما له وقت معيّن كالعيدين والضّحى والتّراويح‏.‏

ويطلقها الفقهاء على الصّلوات المسنونة قبل الفرائض وبعدها، لأنّها لا يشرع أداؤها وحدها بدون تلك الفرائض‏.‏ ولم يقصر الشّافعيّة السّنن الرّواتب على الصّلاة فقد صرّحوا بأنّ للصّوم سنناً رواتب كصيام ستّ من شوّال‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - سنن الزّوائد‏:‏

2 - هي الّتي تكون إقامتها حسنةً ولا يتعلّق بتركها كراهة ولا إساءة، كأذان المنفرد والسّواك‏.‏

ب - النّوافل‏:‏

3 - النّوافل جمع نافلة، والنّافلة لغةً‏:‏ ما زاد على النّصيب المقدّر، أو الحقّ أو الفرض، أو ما يعطيه الإمام للمجاهد زيادةً عن سهمه‏.‏

والنّافلة أعمّ من السّنّة، لأنّها تنقسم‏:‏ إلى معيّنة، ومنها السّنن الرّواتب، ومطلقة كصلاة اللّيل‏.‏

الحكم التّكليفيّ لأداء السّنن الرّواتب

4 - يرى جمهور الفقهاء استحباب المواظبة على السّنن الرّواتب‏.‏

وذهب مالك في المشهور عنه‏:‏ إلى أنّه لا توقيت في ذلك حمايةً للفرائض، لكن لا يمنع من تطوّع بما شاء إذا أمن ذلك‏.‏

وصرّح الحنفيّة‏:‏ أنّ تارك السّنن الرّواتب يستوجب إساءةً وكراهيةً‏.‏ وفسّر ابن عابدين استيجاب الإساءة بالتّضليل واللّوم‏.‏ وقال صاحب كشف الأسرار‏:‏ الإساءة دون الكراهة‏.‏ وقال ابن نجيم‏:‏ الإساءة أفحش من الكراهة‏.‏ وفي التّلويح‏:‏ ترك السّنّة المؤكّدة قريب من الحرام‏.‏

وقال الحنابلة بكراهة ترك الرّواتب بلا عذر‏.‏ هذا في الحضر‏.‏

وفي السّفر يرى جمهور الفقهاء‏:‏ استحباب صلاة السّنن الرّواتب أيضاً لكنّها في الحضر آكد‏.‏ واستدلّوا بأنّ «النّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يصلّي النّوافل على راحلته في السّفر حيث توجّهت به»‏.‏ وبحديث «أبي قتادة أنّهم كانوا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في سفر فناموا عن صلاة الصّبح حتّى طلعت الشّمس، فساروا حتّى ارتفعت الشّمس، ثمّ نزل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فتوضّأ، ثمّ أذّن بلال بالصّلاة فصلّى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ركعتين، ثمّ صلّى الغداة فصنع كما كان يصنع كلّ يوم»‏.‏

وجوّز بعض الحنفيّة للمسافر ترك السّنن، والمختار عندهم أنّه لا يأتي بها في حال الخوف، ويأتي بها في حال القرار والأمن‏.‏

وعند الحنابلة يخيّر المسافر بين فعل الرّواتب، وتركها إلاّ في سنّة الفجر والوتر فيحافظ عليهما سفراً وحضراً‏.‏

وقالت طائفة‏:‏ لا يصلّي الرّواتب في السّفر وهو مذهب ابن عمر ثبت عنه في الصّحيحين، قال حفص بن عاصم‏:‏ «صحبت ابن عمر في طريق مكّة فصلّى لنا الظّهر ركعتين ثمّ أقبل وأقبلنا معه حتّى جاء رحله وجلس وجلسنا معه فحانت منه التفاتة نحو حيث صلّى، فرأى ناساً قياماً فقال‏:‏ ما يصنع هؤلاء‏؟‏ قلت‏:‏ يسبّحون‏.‏ قال‏:‏ لو كنت مسبّحاً لأتممت صلاتي، يا ابن أخي‏:‏ إنّي صحبت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في السّفر فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه اللّه، وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه اللّه، وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين، حتّى قبضه اللّه، ثمّ صحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتّى قبضه اللّه، وقد قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ‏}‏»‏.‏

هذا وقال بعض الفقهاء‏:‏ بسقوط عدالة المواظب على ترك السّنن الرّواتب في غير السّفر‏.‏ ينظر تفصيل المسألة في مصطلح ‏(‏عدالة‏)‏‏.‏

عدد ركعات السّنن الرّواتب

5 - قال الشّافعيّة والحنابلة‏:‏ عدد ركعات السّنن الرّواتب عشر ركعات وهو أدنى الكمال عند الشّافعيّة، ركعتان قبل الظّهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر‏.‏ لقول عائشة - رضي الله عنها -‏:‏ «كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي في بيته قبل الظّهر أربعاً، ثمّ يخرج فيصلّي بالنّاس ثمّ يدخل فيصلّي ركعتين، وكان يصلّي بالنّاس المغرب ثمّ يدخل فيصلّي ركعتين، ويصلّي بالنّاس العشاء ويدخل بيتي فيصلّي ركعتين»‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ الأكمل في الرّواتب غير الوتر ثماني عشرة ركعةً، ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظّهر، وثنتان بعدها، وأربع قبل العصر، وثنتان بعد المغرب، وأربع قبل العشاء وثنتان بعدها‏.‏

وعدّد كلّ من الشّافعيّة والحنابلة الوتر من السّنن الرّواتب‏.‏

وقال الشّافعيّة والحنابلة‏:‏ أفضل الرّواتب الوتر، وركعتا الفجر، وأفضلهما الوتر على الجديد الصّحيح عند الشّافعيّة، وفي وجه هما سواء وتأتي بعد ذلك عند الحنابلة سنّة المغرب‏.‏

قالت عائشة - رضي الله عنها -‏:‏ «إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لم يكن على شيء من النّوافل أشدّ منه تعاهداً على ركعتي الفجر»‏.‏

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال‏:‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا تدعوا ركعتي الفجر وإن طردتكم الخيل»‏.‏

وقال الحنفيّة‏:‏ عدد ركعات السّنن الرّواتب اثنتا عشرة ركعةً، ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظّهر بتسليمة واحدة، وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم‏.‏ «من ثابر على ثنتي عشرة ركعةً في السّنّة بنى اللّه له بيتًا في الجنّة، أربع ركعات قبل الظّهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر»‏.‏

ويرى الحنفيّة أنّه يستحبّ زيادةً على السّنن الرّواتب‏:‏ أربع قبل العصر، وأربع قبل العشاء وأربع بعدها، منها ركعتان مؤكّدتان وستّ بعد المغرب‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ لا تحديد لعدد ركعات السّنن الرّواتب، فيكفي في تحصيل النّدب ركعتان في كلّ وقت، وإن كان الأولى أربع ركعات إلاّ المغرب فستّ ركعات، فيصلّي قبل الظّهر وبعدها، وقبل العصر، وبعد المغرب، وبعد العشاء‏.‏ وسنّة الفجر رغيبة - أي مرغّب فيها - ووقتها بعد طلوع الفجر‏.‏

سنّة الجمعة

6 - قال الحنفيّة والشّافعيّة‏:‏ تسنّ الصّلاة قبل الجمعة وبعدها، فعند الحنفيّة‏:‏ سنّة الجمعة القبليّة أربع، والسّنّة البعديّة أربع كذلك، وقال الشّافعيّة‏:‏ أقلّ السّنّة ركعتان قبلها وركعتان بعدها، والأكمل أربع قبلها وأربع بعدها‏.‏

لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من كان منكم مصلّياً بعد الجمعة فليصلّ أربعاً»‏.‏

وقال المالكيّة والحنابلة‏:‏ يصلّي قبلها دون التّقيّد بعدد معيّن، على أنّ أكثر من قال بصلاة السّنّة يوم الجمعة حملها على تحيّة المسجد، ومن كره صلاة السّنّة يوم الجمعة كرهها لأنّها توافق وقت الاستواء غالباً، لكن لو تقدّمت أو تأخّرت بعد ذلك فلا شيء فيها‏.‏

الوتر هل هو سنّة راتبة أو واجب‏؟‏

7 - قال المالكيّة، والشّافعيّة، والحنابلة، والصّاحبان ورواية ثالثة عن أبي حنيفة‏:‏ الوتر سنّة مؤكّدة‏.‏ وصرّح الشّافعيّة بعدّ الوتر من السّنن الرّواتب‏.‏ قال الخطيب الشّربينيّ‏:‏ الوتر قسم من الرّواتب كما في الرّوضة على المعتمد،وقيل‏:‏ هو قسيم لها، والوتر أفضل السّنن‏.‏ وقال جمهور الفقهاء ما عدا الحنفيّة‏:‏ أقلّه ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعةً‏.‏

وأقلّ الكمال فيه عند الحنفيّة ثلاث ركعات بتسليمة واحدة في الأوقات كلّها، وأكثره إحدى عشرة ركعةً يقنت في الرّكعة الأخيرة‏.‏

وذهب أبو حنيفة في الرّاجح عنه إلى أنّ الوتر واجب‏.‏ وقال زُفَر وهو رواية ثانية عند أبي حنيفة هو فرض‏.‏ والتّفصيل في ‏(‏صلاة الوتر‏)‏‏.‏

قيام رمضان

8 - أورد الشّافعيّة في السّنن الرّواتب قيام رمضان، «فقد سنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قيام رمضان»‏.‏

وذهب جمهور الفقهاء‏:‏ إلى أنّ قيام رمضان سنّة مؤكّدة وهو عشرون ركعةً تؤدّى بعد سنّة العشاء، وتعتبر من الرّواتب لأنّها تؤدّى بعد الفريضة، يسلّم على رأس كلّ ركعتين، ويتروّح كلّ أربع ركعات بجلسة خفيفة يذكر فيها اللّه تعالى،ثمّ تصلّى الوتر جماعةً بعد ذلك‏.‏ وذكر بعض المالكيّة‏:‏ أنّ قيام رمضان ستّ وثلاثون ركعةً يسلّم كلّ ركعتين، ويسنّ لها الجماعة، كما كان عليه الحال في خلافة عمر بن عبد العزيز‏.‏

وينظر التّفصيل في ‏(‏صلاة التّراويح‏)‏‏.‏

وقت السّنن الرّواتب

9 - السّنن الرّواتب مقترنة بالفرائض، فمنها ما يصلّى قبل الفريضة، مثل سنّة الفجر وسنّة الظّهر القبليّة، ومنها ما يصلّى بعد الفريضة مثل سنّة الظّهر البعديّة، وسنّة المغرب والعشاء، والوتر وقيام رمضان‏.‏

وقد ذكر ابن دقيق العيد تفسيراً لطيفاً في تقديم النّوافل على الفرائض وتأخيرها عنها فقال‏:‏ ‏"‏ أمّا في التّقديم فلأنّ النّفوس لاشتغالها بأسباب الدّنيا بعيدة عن حالة الخشوع والحضور الّتي هي روح العبادة، فإذا قدّمت النّوافل على الفرائض أنست النّفس بالعبادة، وتكيّفت بحالة تقرب من الخشوع، وأمّا في تأخيرها عنها، فقد ورد «أنّ النّوافل جابرة لنقص الفرائض»، فإذا وقع الفرض ناسب أن يقع بعده ما يجبر الخلل الّذي يقع فيه‏.‏ ولكن لا ينوي فيه نيّة الجبر ‏"‏‏.‏

وما كان من هذه السّنن قبل الفريضة فوقتها يبدأ من دخول وقت الفريضة وينتهي بإقامة الصّلاة إذا كانت تؤدّى في جماعة، لأنّه إذا أقيمت الصّلاة فلا صلاة إلاّ المكتوبة، حيث إنّ الفرائض تقدّم على النّوافل دائماً عند التّعارض، إلاّ إذا أيقن المرء أنّ بإمكانه أداء النّافلة، وإدراك الجماعة مع الإمام فلا بأس عندئذ من أدائها، أمّا إذا كان المرء يؤدّي الصّلاة منفرداً فوقت السّنّة يستمرّ حتّى يشرع في الفريضة‏.‏

والأولى للمرء إذا أقيمت الصّلاة الدّخول مع الإمام في الفريضة، وتدرك النّافلة بعد الانتهاء من الفريضة، ويظهر هذا في كلّ من سنّة الفجر وسنّة الظّهر القبليّة‏.‏

أمّا السّنن البعديّة‏:‏ مثل سنّة الظّهر البعديّة والمغرب والعشاء، فوقت كلّ منها من بعد الانتهاء من الفريضة إلى خروج وقت المكتوبة ودخول وقت الأخرى، فإذا خرج الوقت ولم يؤدّ السّنن البعديّة فإنّها تعتبر فائتةً‏.‏

ومثل ذلك يقال في سنّة الجمعة البعديّة، وأمّا صلاة الوتر فوقتها يبدأ من بعد الانتهاء من سنّة العشاء البعديّة، ويستمرّ حتّى قبيل أذان الفجر، وإن كان الأفضل تأخيرها إلى ثلث اللّيل الأخير‏.‏

وأمّا صلاة التّراويح فوقتها يبدأ من بعد الانتهاء من سنّة العشاء، ويستمرّ إلى قبيل الفجر بالقدر الّذي يسع صلاة الوتر بعدها، ويفضّل أن لا يؤخّرها إذا كان في التّأخير فوات الجماعة، إذ من السّنّة أن تصلّى في جماعة كما مرّ آنفاً، وبعد الانتهاء منها تصلّى الوتر في جماعة في رمضان فقط‏.‏ وتكره الجماعة للوتر في غيره‏.‏

ما يستحبّ وما يكره في السّنن الرّواتب

أ - القراءة في السّنن الرّواتب‏:‏

10 - ذهب الجمهور المالكيّة، والشّافعيّة، والحنابلة‏:‏ إلى أنّه تسنّ القراءة في النّفل والوتر‏.‏ والقراءة المرادة هنا هي ضمّ سورة إلى الفاتحة، ومن السّنّة تخفيف القراءة في سنّة الفجر، لما روي «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قرأ فيها سورة الكافرون والإخلاص، وأطال القراءة في صلاة الفجر»‏.‏

ولحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت‏:‏ «كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يصلّي ركعتي الفجر مخفّفةً حتّى أنّي لأقول‏:‏ هل قرأ فيهما بأمّ القرآن‏؟‏»‏.‏

ويستحبّ الإسرار بالقراءة إذا كانت النّافلة نهاراً اعتباراً بصلاة النّهار، ويتخيّر بين الجهر والإسرار في الصّلاة اللّيليّة إذا كان منفرداً، والجهر أفضل بشرط أن لا يشوّش على غيره، أمّا إذا كانت النّافلة أو الوتر تؤدّى جماعةً فيجهر بها الإمام ليسمع من خلفه، ويتوسّط المنفرد بالجهر‏.‏

وذهب الحنفيّة‏:‏ إلى أنّ القراءة واجبة في جميع ركعات النّفل والوتر، لأنّ كلّ شفع منه يعتبر صلاةً على حدة، والقيام إلى الثّالثة كتحريمة مبتدأة‏.‏ وأمّا الوتر فللاحتياط‏.‏

ب - فعلها في البيت‏:‏

11 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة‏:‏ إلى أنّ الأفضل أداء النّوافل في البيت، وهناك قول عند الحنابلة‏:‏ إنّ أداء الرّواتب في المسجد أفضل‏.‏ وذلك اقتداءً بفعله صلى الله عليه وسلم فقد روت عائشة - رضي الله عنها - «أنّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ كان يصلّي في بيته قبل الظّهر أربعاً، ثمّ يخرج فيصلّي بالنّاس، ثمّ يدخل فيصلّي ركعتين، وكان يصلّي بالنّاس المغرب، ثمّ يدخل فيصلّي ركعتين، ثمّ يصلّي بالنّاس العشاء ويدخل بيتي فيصلّي ركعتين»‏.‏ ولا فرق في ذلك بين مساجد الأمصار المختلفة، والمساجد الّتي تشدّ إليها الرّحال‏:‏ وهي المسجد الحرام، والمسجد النّبويّ، والمسجد الأقصى، وإن كان الأجر يتضاعف في هذه المساجد‏.‏ قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم‏:‏ «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلاّ في المكتوبة»‏.‏

وذهب الحنفيّة‏:‏ إلى أنّ الأفضل أداء عامّة السّنن والنّوافل في البيت، إلاّ أن يخشى أن يتشاغل عنها إذا رجع‏.‏

ويجوز أداء النّوافل في المسجد، سواء كانت راتبةً أم غير راتبة، والأفضل أداؤها في المسجد إذا كانت تؤدّى في جماعة كما في صلاة التّراويح والوتر بعدها، وذلك حتّى يدرك المرء فضل الجماعة‏.‏

وفي قول عند الحنفيّة ورواية عند الحنابلة‏:‏ التّسوية بين أدائها في المسجد وفي البيت‏.‏

ج - صلاة الرّواتب في جماعة أو فرادى‏:‏

12 - قال الحنفيّة‏:‏ تكره الجماعة في صلاة النّوافل‏.‏

وقال المالكيّة كذلك‏:‏ تكره الجماعة في النّوافل، لأنّ شأن النّفل الانفراد به، كما تكره صلاة النّفل في جمع قليل بمكان مشتهر بين النّاس، وإن لم تكن الجماعة كثيرةً والمكان مشتهراً فلا تكره‏.‏

وقال الشّافعيّة‏:‏ تستحبّ الجماعة في التّراويح والوتر في رمضان، ولا يستحبّ فعل سائر الرّواتب جماعةً‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ يجوز التّطوّع جماعةً ومنفرداً، لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين كليهما، وكان أكثر تطوّعه منفرداً، وصلّى بابن عبّاس مرّةً، وبأنس وأمّه واليتيم مرّةً وأمّ أصحابه في بيت عتبان مرّةً، فعن عتبان بن مالك - رضي الله عنه - «أنّه قال‏:‏ يا رسول اللّه إنّ السّيول لتحول بيني وبين مسجد قومي، فأحبّ أن تأتيني فتصلّي في مكان من بيتي أتّخذه مسجداً، فقال‏:‏ سنفعل، فلمّا دخل قال‏:‏ أين تريد‏؟‏ فأشرت إلى ناحية من البيت، فقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فصففنا خلفه، فصلّى بنا ركعتين»‏.‏

وكره جمهور الفقهاء ترك السّنن الرّواتب خاصّةً بلا عذر، أمّا إذا كان عذر فلا بأس بتركها‏.‏ وبعض هذه الرّواتب آكد من بعض كسنة الفجر والمغرب والوتر وسنّة الظّهر، وهي في حقّ المنفرد آكد لافتقاره إلى تكميل الثّواب الّذي فاته بترك الجماعة‏.‏

صلاة الرّواتب في السّفر

13 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة‏:‏ إلى أنّه يستحبّ أداء النّوافل في السّفر، لأنّها مكمّلات للفرائض ولمداومته صلى الله عليه وسلم على فعلها في جميع أحواله وأسفاره، وصلاته لها أحياناً راكباً، ومن ذلك«صلاته الضّحى يوم الفتح، وصلاته سنّة الفجر ليلة التّعريس»‏.‏ ولعموم الأحاديث الواردة في الحثّ على فعل الرّواتب عموماً، والأمر بعد ذلك متروك للمكلّف وهمّته وورعه‏.‏

قال الحنابلة‏:‏ يكره ترك السّنن الرّواتب إلاّ في السّفر فيخيّر بين فعلها وتركها إلاّ الفجر والوتر فيفعلان في السّفر كالحضر لتأكّدهما‏.‏

حكم قضائها إذا فاتت

14 - قال الحنفيّة‏:‏ السّنن الرّواتب عموماً إذا فاتت فإنّها لا تقضى، إلاّ سنّة الفجر إذا فاتت مع الفريضة فإنّها تقضى معها بعد ارتفاع الشّمس، أمّا إذا فاتته وحدها فلا يقضيها قبل طلوع الشّمس، لأنّها من مطلق النّفل، وهو مكروه بعد الصّبح إلى أن ترتفع الشّمس، ولم يثبت أنّه صلى الله عليه وسلم أدّاهما في غير وقتهما على الانفراد، «وإنّما قضاهما تبعاً للفرض غداة ليلة التّعريس»‏.‏

وعند أبي حنيفة وأبي يوسف لا يقضيهما بعد ارتفاعها، وعند محمّد بن الحسن أنّه يقضيهما إلى وقت الزّوال لفعله صلى الله عليه وسلم حيث قضاهما بعد ارتفاع الشّمس غداة ليلة التّعريس، وليلة التّعريس كانت حين قفل النّبيّ صلى الله عليه وسلم راجعاً من غزوة خيبر‏.‏

وأمّا سنّة الظّهر القبليّة إذا فاتت فإنّها تؤدّى بعد الفرض، وقد اختلف في تقديمها على السّنّة البعديّة وتأخيرها عنها، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف يؤدّيهما بعد السّنّة البعديّة، وعند محمّد يؤدّيهما قبل السّنّة البعديّة‏.‏

وأمّا بقيّة السّنن الرّواتب إذا فاتت مع فرائضها، فقد اختلف فيها فقهاء الحنفيّة، فقال بعضهم‏:‏ لا تقضى تبعاً كما لا تقضى قصداً وهو الأصحّ‏.‏

وقال البعض الآخر‏:‏ تقضى تبعاً للفرض بناءً على جعل الوارد في قضاء سنّة الفجر وارداً في غيرها من السّنن الفائتة مع فرائضها إلغاءً لخصوص المحلّ‏.‏

وقد استدلّ أبو حنيفة وأبو يوسف على عدم قضاء سنّة الفجر إذا فاتت وحدها‏:‏ بأنّ السّنّة عموماً لا تقضى لاختصاص القضاء بالواجب، لأنّ القضاء تسليم مثل ما وجب بالأمر‏.‏ والحديث ورد في قضائها تبعاً للفرض، فبقي ما وراءه على الأصل، وإنّما تقضى تبعاً له‏.‏ وهو لا يصلّي بالجماعة أو وحده إلى وقت الزّوال‏.‏

وبالحديث الّذي روته أمّ سلمة - رضي الله عنها - قالت‏:‏ «صلّى النّبيّ صلى الله عليه وسلم العصر، ثمّ دخل بيتي فصلّى ركعتين، فقلت‏:‏ يا رسول اللّه صلّيت صلاةً لم تكن تصلّيها‏؟‏ فقال‏:‏ قدم عليّ مال فشغلني عن الرّكعتين كنت أركعهما بعد الظّهر، فصلّيتهما الآن فقلت‏:‏ يا رسول اللّه، أفنقضيهما إذا فاتتا‏؟‏ فقال‏:‏ لا»‏.‏

وقال المالكيّة‏:‏ لا يقضي من النّوافل إلاّ سنّة الفجر فقط، سواء كانت مع صلاة الصّبح أم لا، ونقل عن بعضهم القول بحرمة قضاء النّوافل ما عدا سنّة الفجر‏.‏

وقال الشّافعيّة في الأظهر من المذهب‏:‏ يستحبّ قضاء النّوافل المؤقّتة، ومقابل الأظهر أنّ السّنن المؤقّتة لا تقضى إذا فاتت، لأنّها نوافل، فهي تشبه النّوافل غير المؤقّتة، وهذه لا تقضى إذا فاتت‏.‏ وفي قول ثالث للشّافعيّة‏:‏ إن لم يتبع النّفل المؤقّت غيره كالضّحى قضي لشبهه بالفرض في الاستقلال، وإن تبع غيره كالرّواتب فلا تقضى‏.‏

واستدلّوا للأظهر بعموم قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من نسي صلاةً أو نام عنها فكفّارتها أن يصلّيها إذا ذكرها» «ولقضائه صلى الله عليه وسلم سنّة الفجر ليلة التّعريس»‏.‏ ولقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من نام عن وتره أو نسيه فليصلّه إذا ذكره»‏.‏

وبحديث أمّ سلمة السّابق‏.‏

وقال الحنابلة‏:‏ تقضى السّنن الرّواتب الفائتة مع الفرائض إذا كانت قليلةً، فإذا كانت كثيرةً فالأولى تركها، إلاّ سنّة الفجر فإنّها تقضى ولو كثرت‏.‏

واحتجّوا لأولويّة ترك ما كثر «بفعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم الخندق»، لم ينقل عنه أنّه صلّى بين الفرائض المقضيّة، ولأنّ الاشتغال بالفرض أولى‏.‏

قال الحنابلة‏:‏ للزّوجة، والأجير ولو خاصّاً فعل السّنن الرّواتب مع الفرض لأنّها تابعة له ولا يجوز منعهما من السّنن لأنّ زمنها مستثنىً شرعاً كالفرائض‏.‏

سنّور

انظر‏:‏ هرّة‏.‏

سَهْو

انظر‏:‏ سجود السّهو‏.‏

سَوْداء

انظر‏:‏ لباس‏.‏

سوار

انظر‏:‏ حليّ‏.‏

سوبيا

انظر‏:‏ أشربة‏.‏

سُورة

التّعريف

1 - السّورة لغةً‏:‏ السّورة بالضّمّ‏:‏ المنزلة وخصّها ابن السّعيد بالرّفعة، وعرّفها بعضهم بالشّرف‏.‏ وقيل‏:‏ الدّرجة، قيل‏:‏ ما طال من البناء وحسن وقيل‏:‏ هي العلامة‏.‏

واصطلاحاً‏:‏ عرّفها بعض العلماء بأنّها‏:‏ طائفة متميّزة من آيات القرآن ذات مطلع وخاتمة‏.‏ وقيل‏:‏ السّورة تمام جملة من المسموع تحيط بمعنىً تامّ بمنزلة إحاطة السّور بالمدينة‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - القرآن‏:‏

2 - القرآن‏:‏ هو المنزّل على النّبيّ صلى الله عليه وسلم‏.‏ المكتوب في المصاحف، المنقول عنه نقلاً متواتراً بلا شبهة‏.‏

ب - الآيات‏:‏

3 - الآيات‏:‏ جمع آية‏:‏ وهي لغةً العلامة والعبرة‏.‏

واصطلاحاً‏:‏ هي جزء من سورة من القرآن تبيّن أوّله وآخره توقيفاً‏.‏

والفرق بينها وبين السّورة‏:‏ أنّ السّورة لا بدّ أن يكون لها اسم خاصّ بها، ولا تقلّ عن ثلاث آيات، وأمّا الآية‏:‏ فقد يكون لها اسم كآية الكرسيّ، وقد لا يكون، وهو الأكثر‏.‏

ر‏:‏ التّفصيل في مصطلح ‏(‏آية‏)‏‏.‏

الحكم الإجماليّ

تنكيس السّور عند القراءة

4 - مذهب الجمهور أنّ القرآن الكريم يستحبّ قراءة سُوَرِهِ مرتّبةً كما هي في المصحف الكريم، وكرهوا للقارئ في الصّلاة وخارج الصّلاة أن ينكّس السّور كأن يقرأ ‏{‏أَلَمْ نَشْرَحْ‏}‏ ثمّ يقرأ ‏{‏وَالضُّحَى‏}‏، فقد سئل عبد اللّه بن مسعود - رضي الله عنه - عمّن يقرأ القرآن منكوساً‏.‏ قال‏:‏ ذلك منكوس القلب‏.‏ ولكن أجاز بعض الفقهاء هذا التّنكيس إذا كان على وجه التّعليم، كتعليم الصّبيان لحفظ القرآن‏.‏ أو على وجه الذّكر، ولكن يرى المالكيّة أنّ ذلك خلاف الأولى‏.‏ ‏(‏ر‏:‏ قرآن ومصحف‏)‏‏.‏

حكم قراءة سورة الفاتحة في الصّلاة

5 - ذهب الجمهور من المالكيّة، والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ قراءة الفاتحة ركن في كلّ ركعة، لقوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «لا صلاة لمن لَمْ يقرأ بفاتحة الكتاب»‏.‏

إلاّ أنّ الشّافعيّة قالوا‏:‏ هي ركن مطلقاً، والرّاجح عند المالكيّة‏:‏ أنّها فرض لغير المأموم في صلاة جهريّة وفي المذهب عدّة أقوال‏.‏

وذهب الحنفيّة إلى أنّ قراءة الفاتحة في الصّلاة ليست بركن، ولكن الفرض في الصّلاة عندهم قراءة ما تيسّر من القرآن‏.‏ لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ‏}‏‏.‏

ووجه الاستدلال بهذه الآية أنّ اللّه تعالى أمر بقراءة ما تيسّر من القرآن مطلقاً، وتقييده بفاتحة الكتاب زيادة على مطلق النّصّ، وهذا لا يجوز، لأنّه نسخ فيكون أدنى ما يطلق عليه القرآن فرضاً لكونه مأموراً به‏.‏

ترك السّورة بعد الفاتحة عمداً في الصّلاة

6 - لا خلاف بين جمهور الفقهاء في سنّيّة السّورة الّتي بعد الفاتحة، ولكن الخلاف وقع فيمن تركها ناسياً أو متعمّداً‏.‏ ر‏:‏ التّفصيل في مصطلح ‏(‏سهو، صلاة‏)‏‏.‏

قراءة السّورة في الرّكعتين الأخريين من الصّلاة

7 - ذهب الجمهور من المالكيّة والحنابلة وهو الأظهر عند الشّافعيّة‏:‏ إلى أنّه لا يسنّ قراءة سورة بعد الفاتحة في الرّكعتين الأخريين، لأنّ عامّة صلاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه لا يقرأ فيها شيئاً، وذهب الحنفيّة إلى أنّ المصلّي في الرّكعة الثّالثة لا يجب عليه شيء إن شاء سكت وإن شاء قرأ وإن شاء سبّح، وإن قرأ يقرأ الفاتحة على وجه الثّناء والذّكر‏.‏

‏(‏ر‏:‏ التّفصيل في مصطلح صلاة‏)‏‏.‏

تكرار السّورة بعد الفاتحة في الرّكعتين الأوليين

8 - ذهب الجمهور من الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه لا بأس للمصلّي أن يكرّر السّورة من القرآن الّتي قرأها في الرّكعة الأولى فعن رجل من جهينة «سمع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصّبح ‏{‏إِذَا زُلْزِلَت‏}‏ في الرّكعتين كلتيهما فلا أدري أنسي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمداً»‏.‏

وحديث «الرّجل الّذي كان يصلّي بالنّاس فكان يقرأ قبل كلّ سورة ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ فقال‏:‏ إنّي أحبّها‏.‏ فقال له الرّسول صلى الله عليه وسلم‏:‏ حبّك إيّاها أدخلك الجنّة»‏.‏

وذهب المالكيّة إلى كراهية تكرار السّورة، وقال بعضهم‏:‏ هو خلاف الأولى‏.‏ فقد قال ابن عمر - رضي الله عنهما - ‏"‏ لكلّ سورة حظّها من الرّكوع والسّجود

جمع السّورتين من القرآن في ركعة واحدة

9 - ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز الجمع بين السّورتين في الرّكعة الواحدة واستدلّوا على ذلك بما ثبت عن حذيفة رضي الله عنه قال‏:‏ «إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم - قرأ في ركعة سورة البقرة والنّساء وآل عمران» وقال ابن مسعود‏:‏ - رضي الله عنه - «لقد عرفت النّظائر الّتي كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقرن بينهنّ - فذكر عشرين سورةً من المفصّل سورتين من آل حاميم في كلّ ركعة»‏.‏

وفرّق الحنابلة بين النّافلة والفريضة في الجمع بين السّور في الرّكعة الواحدة فقالوا‏:‏ لا بأس أن يكون في النّوافل لما ثبت في الرّوايات السّابقة حيث إنّها كانت في النّافلة، كقيام اللّيل وغيره، واستحبّوا في الفريضة أن يقتصر على سورة بعد الفاتحة‏.‏

لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم - هكذا كان يصلّي أكثر صلاته، وهي رواية عندهم، وأمّا الرّواية الأخرى فهي كمذهب المالكيّة وهي الكراهية «لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر معاذاً أن يقرأ بسورة في صلاته»‏.‏ ولقول عبد اللّه بن عمر - رضي الله عنهما - عندما قال له رجل‏:‏ إنّي قرأت المفصّل في ركعة قال‏:‏ إنّ اللّه تعالى لو شاء لأنزله جملةً واحدةً ولكن فصّله، لتعطى كلّ سورة حظّها من الرّكوع والسّجود‏.‏

قراءة السّورة في صلاة الجنازة

10 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة‏:‏ إلى أنّه ليس في صلاة الجنازة قراءة، وما ثبت عنه في قراءتها إنّما كان يقرأ في سبيل الثّناء لا على وجه القراءة‏.‏ ولقول ابن مسعود رضي الله عنه‏:‏ «إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم لم يوقّت فيها قولاً، ولا قراءةً» ولأنّ ما لا ركوع فيه، لا قراءة فيه، كسجود التّلاوة‏.‏

وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى وجوب قراءة سورة الفاتحة في صلاة الجنازة فقد ثبت عن ابن عبّاس رضي الله عنهما - «أنّه صلّى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب فقال‏:‏ إنّه من السّنّة أو من تمام السّنّة» فعن أمّ شريك قالت‏:‏ «أمرنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم - أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب»‏.‏ وأيضاً هو داخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم -‏:‏ «لا صلاة لمن لم يقرأ بأمّ القرآن»‏.‏

ولأنّها صلاة يجب فيها القيام فوجبت فيها القراءة كسائر الصّلوات‏.‏

أمّا بالنّسبة لقراءة السّورة الّتي بعد الفاتحة فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى عدم قراءتها، لأنّ صلاة الجنازة شرع فيها التّخفيف ولهذا لا يقرأ فيها بعد الفاتحة شيء‏.‏

والتّفصيل في مصطلح ‏(‏جنائز‏)‏‏.‏